الذكاء الاصطناعي مدرس شخصي لمادة الرياضيات
من الممكن أن يعمل الذكاء الاصطناعي كمعلم للطلبة ويساعد في تعزيز تعليم بعض العلوم


طوال فترة عمل جيك برايس كمدرس، ظل “وولفرام ألفا” Wolfram Alpha، وهو موقع إلكتروني يقوم بحل مسائل الجبر على الإنترنت، يهدد بجعل واجبات الجبر المنزلية أمرا عفّى عليها الزمن.

ونقلت صحيفة “سياتل تايمز” الأميركية في تقرير لها عن برايس، وهو أستاذ مساعد لمادة الرياضيات وعلوم الكمبيوتر في جامعة “بيوجيت ساوند” بواشنطن، القول إن المعلمين اعتادوا أن يعملوا من خلال هذا الموقع الإلكتروني الشيق، ولكنهم صاروا الآن يتعاملون مع مساعد جديد للواجبات المنزلية، وهو أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل تشات جي.بي.تي.

إلا أن برايس لا يرى أن تشات جي.بي.تي يمثل تهديدا، وهو ليس الوحيد في قناعته هذه، حيث يعتقد بعض أساتذة الرياضيات أنه من الممكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تعزيز تعليم الرياضيات، عندما يتم استخدامه بشكل صحيح. وهو قادم إلى الساحة في وقت تسجل فيه الدرجات التي يحصل عليها الطلبة في الرياضيات، أدنى مستوياتها التاريخية، ويتساءل المعلمون عما إذا كان يجب تدريس تلك المادة بطريقة مختلفة.

ومن الممكن أن يعمل الذكاء الاصطناعي كمعلم للطلبة، حيث يقوم بالرد بصورة فورية على الطالب الذي يواجه مشكلة ما. 

كما يمكنه أن يساعد المعلم في التحضير لدروس الرياضيات، أو كتابة مجموعة متنوعة من مسائل الرياضيات الموجهة لمستويات مختلفة من التعليم. بالإضافة إلى إمكانية أن يقوم بعرض عينة من التعليمات البرمجية لمبرمجي الكمبيوتر الجدد، مما يسمح لهم بتخطي الواجبات المنزلية المملة المتمثلة في تعلم كيفية كتابة التعليمات البرمجية الأساسية.

يشعل فضول الطلاب

وبينما تبحث المدارس في أنحاء البلاد مسألة حظر أدوات الذكاء الاصطناعي، يتبنى بعض معلمي الرياضيات وعلوم الكمبيوتر هذا التغيير، وذلك بسبب طبيعة تخصصهم.

ويقول برايس “إن الرياضيات تتطور دائما مع تطور التكنولوجيا”. فقد كان الإفراد يستخدمون قبل أعوام مضت “المسطرة الحاسبة”، ويقومون بإجراء عمليات الضرب باستخدام الجداول اللوغاريتمية، إلى أن ظهرت الآلات الحاسبة.

ويقوم برايس بالتدريس، مع وضع التقنيات البشرية في الاعتبار، حيث يتأكد من أن الطلبة قد استوعبوا المهارات في الفصل بدون الاعتماد على الآلة. ثم يناقش معهم حدود التقنيات التي قد يميلون إلى استخدامها عندما يعودون إلى المنزل.

ويوضح برايس أن “أجهزة الكمبيوتر تعتبر جيدة جدا في القيام بالأمور المملة والمرهقة… فإننا غير مضطرين إلى القيام بكل الأمور المتعبة. يمكننا أن نترك الكمبيوتر يقوم بذلك، ثم يمكننا تفسير الإجابة والتفكير فيما تمليه علينا من قرارات يكون من الضروري أن نتخذها”.

وتشير الصحيفة الأميركية إلى أن برايس يرغب في أن يستمتع طلابه بالبحث عن الأنماط، ورؤية كيف يمكن للطرق المختلفة أن تعطي إجابات مختلفة أو متماثلة، وكيفية ترجمة تلك الإجابات إلى قرارات بشأن العالم.

ويؤكد برايس أن “تشات جي.بي.تي شأنه شأن الآلة الحاسبة، وشأن المسطرة الحاسبة، وكل التقنيات السابقة، فهو يساعدنا فقط في الوصول إلى هذا الجزء الأساسي والحقيقي من الرياضيات”.

وعلى العكس من ذلك، فإن تشات جي.بي.تي له حدود، حيث إنه من الممكن أن يظهر الخطوات الصحيحة لحل مسألة رياضية، ثم يقوم بإعطاء إجابة خاطئة.

ويقول برايس هذا يعود لأنه “لا يقوم في الواقع بحل المسائل الحسابية”. إنه يقوم فقط بتجميع أجزاء من الجمل التي قام أشخاص آخرون بشرح كيفية حل مسائل مماثلة لها.

ومن جانبها، تعتقد مين صن، وهي أستاذة تربية في جامعة واشنطن، بأن الطلبة يجب عليهم الاستعانة بتشات جي.بي.تي كمدرس شخصي. فعلى سبيل المثال، إذا لم يستوعب الطلبة عملية رياضية في الفصل، فحينئذ يمكنهم أن يطلبوا من تشات جي.بي.تي أن يشرحها لهم وأن يعطيهم بعض الأمثلة عليها.

تشات جي.بي.تي له حدود

وترغب صن في أن يستخدم المعلمون تشات جي.بي.تي كمساعد خاص لهم، وذلك لتحضير دروس الرياضيات، وإعطاء ملاحظات جيدة للطلاب، وللتواصل مع أولياء الأمور.

فمن الممكن أن يستعين المدرسون بالذكاء الاصطناعي من أجل معرفة “أفضل طريقة لتدريس هذا المفهوم؟”، أو “ما هي أنواع الأخطاء التي قد يقع فيها الطلاب عند تعلم هذا المفهوم الرياضي؟” أو “ما هي أنواع الأسئلة التي سيطرحها الطلاب بشأن هذا المفهوم؟”.

وتقول إن المدرسين أيضا يمكنهم أن يطلبوا من تشات جي.بي.تي أن يقترح عليهم مستويات مختلفة من المسائل الرياضية بالنسبة للطلاب الذين لديهم إتقان مختلف للمفهوم، مشيرة إلى أن هذا يعد مفيدا بشكل خاص بالنسبة للمعلمين الجدد في المهنة، أو هؤلاء الذين لديهم طلاب من ذوي الاحتياجات المتنوعة، مثل التعليم الخاص أو متعلمي اللغة الإنجليزية.


المصدر:موقع صحيفة "العرب"