السينما في اليمن ...كنز عظيم لا يتم استغلاله
هاشم جحاف


 هاشم جحاف*

 


السينما، هذا الفن السحري الذي يأسر الأبصار والعقول، يعتبر من أهم وسائل الترفيه والتواصل في عصرنا الحديث، فهي ليست مجرد شاشة تعرض أفلاماً، بل هي عالم مليء بالمشاعر والأفكار والمغامرات التي تأخذنا في رحلة من خيال وواقع متداخلين.


تتميز السينما بقدرتها الفريدة على إحياء القصص والشخصيات، من خلال تجسيد الكلمات والمشاعر والأحداث على الشاشة، تنقلنا السينما إلى عوالم جديدة، تأخذنا في رحلات إلى الماضي والمستقبل، وتعرض قضايا اجتماعية وسياسية ونفسية تلامس واقعنا.


من جمال السينما أيضًا قدرتها على تأثيرنا وتحريك مشاعرنا. فهي تعمل على إثارة الضحك والبكاء، الغضب والفرح، الخوف والأمل، تعرض لنا قصصًا تمس قلوبنا وتحرك مشاعرنا، وتجعلنا نعيش لحظات لا تنسى.


إضافة إلى ذلك، تلعب السينما دورًا هامًا في توعية المشاهدين ونشر الوعي الاجتماعي، فمن خلال أفلامها، تستطيع أن تطرح قضايا هامة وتثير النقاشات حولها، يمكنها تسليط الضوء على قضايا العدالة الاجتماعية، حقوق الإنسان، التسامح والتعايش السلمي، وتساهم في تغيير وجهات نظر المشاهدين وتعزز الوعي الجماعي.


لا يمكن إنكار أهمية السينما للمشاهدين، فقد تعلمنا من خلالها دروسًا قيمة عن الحب والصداقة، الثقة والتضحية، والقوة والأمل، تعلمنا أن نعيش اللحظة ونستمتع بالحياة، وأن نستخلص العبرة من الصعاب التي نواجهها.


تأثير السينما على اقتصاد الدولة


تعد صناعة السينما من الصناعات الهامة التي تسهم بشكل كبير في اقتصاد الدولة، إنها ليست مجرد وسيلة للترفيه والتسلية، بل تعتبر أيضًا مصدرًا هامًا للإيرادات والوظائف، وتساهم في تحسين الحالة الاقتصادية للدولة.


أولاً، تسهم صناعة السينما في زيادة الإيرادات الحكومية، فعندما يتم إنتاج فيلم أو عرضه في دور العرض، يتم جمع رسوم الدخول والإيرادات من بيع التذاكر وتأجير الأفلام، والتي تدخل خزانة الدولة وتستخدم في تمويل المشاريع الحكومية الأخرى، بالإضافة إلى ذلك، تساهم السينما في زيادة الإيرادات من الضرائب والرسوم المفروضة على الشركات السينمائية والممثلين والفنانين والعاملين في هذه الصناعة.


ثانيًا، تحدث صناعة السينما دورًا هامًا في توفير فرص العمل. فهي تعمل على إنشاء وظائف متعددة في مختلف المجالات، مثل الإنتاج، والتوزيع، والتسويق، والتصوير، والمؤثرات البصرية، والتقنية، والتمثيل، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تساهم السينما في توفير فرص العمل غير المباشرة، مثل الفنادق والمطاعم المحيطة بمواقع التصوير، والتجار التجزئة الذين يستفيدون من زيارة السياح لمواقع تصوير الأفلام.


ثالثًا، تساهم السينما في تعزيز السياحة والترويج للسياحة الثقافية في الدولة، فعندما يتم تصوير أفلام في أماكن جميلة ومعروفة في الدولة، فإنها تشجع السياح على زيارة هذه الأماكن واستكشافها، بالإضافة إلى ذلك، تعمل الأفلام المحلية على تسليط الضوء على الثقافة والتراث المحلي للدولة وتعزز الوعي الثقافي للمشاهدين.


أخيرًا، يمكن أن تساهم السينما في تحسين صورة الدولة على المستوى العالمي، فعندما يتم إنتاج أفلام ناجحة ومتميزة من قبل صناع سينمائيين محليين، يتم اكتساب سمعة جيدة للدولة وتعريف العالم بثقافتها وإبداعاتها، يمكن للأفلام الناجحة أن تجذب الاستثمارات الأجنبية وتعزز العلاقات الدبلوماسية مع الدول الأخرى.


السينما في اليمن 

السينما في اليمن لديها تاريخ طويل وغني، على الرغم من التحديات التي واجهتها هذه الصناعة في السنوات الأخيرة، في العقود الأخيرة، شهدت السينما اليمنية تراجعًا في الإنتاج والتوزيع بسبب الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعصف بالبلاد.


وفي السنوات الأخيرة، شهدت السينما اليمنية نهضة بفضل جيل جديد من المبدعين والمخرجين الذين يعملون على إنتاج أفلام مستقلة وقصيرة ووثائقية تعكس قضايا وثقافة الشعب اليمني، وقد تم عرض بعض هذه الأفلام في مهرجانات سينمائية دولية وحصدت إشادة واسعة.


مع ذلك، لا تزال السينما في اليمن تواجه تحديات عديدة، بما في ذلك نقص التمويل والدعم الحكومي، وضعف البنية التحتية السينمائية، وقلة المسارح السينمائية، ومع ذلك، هناك عدد من المبادرات المجتمعية التي تهدف إلى دعم وتعزيز السينما في اليمن، بما في ذلك ورش عمل سينمائية ومسابقات ومهرجانات سينمائية تسهم في تشجيع المبدعين وتعزيز الوعي الثقافي للجمهور.

صحيح أن صناع الأفلام في اليمن يواجهون تحديات كبيرة وبعضها يأتي من الدولة نفسها، إليك بعض التحديات التي يواجهونها:


1. الرقابة الحكومية: توجد في اليمن لجان رقابية تتحكم في محتوى الأفلام وتحدد ما يمكن وما لا يمكن عرضه. قد تتدخل هذه اللجان وتمنع تصوير أفلام تتناول قضايا سياسية حساسة أو تتناول العادات والتقاليد التي يعتبرها البعض سلبية، هذا يقيد حرية المبدعين في التعبير عن آرائهم وتصوير الأفلام التي يرونها ضرورية.


2. نقص التمويل والدعم: يعاني صناع الأفلام في اليمن من نقص التمويل والدعم الحكومي، مما يجعلهم يعتمدون بشكل كبير على التمويل الذاتي أو التمويل الخارجي، مما يجعل إنتاج الأفلام أمرًا صعبًا ومحدودًا.


3. الظروف الأمنية: اليمن يشهد صراعًا داخليًا وتوترات أمنية، مما يؤثر على تنظيم وتصوير الأفلام، قد يكون من الصعب توفير الأمان اللازم لصناع الأفلام وفرق التصوير، وقد يتعذر عليهم الوصول إلى مناطق تصوير معينة بسبب الصراعات والتوترات.


4. تحديات التوزيع والعرض: في ظل نقص السينمات والمسارح السينمائية في اليمن، يكون من الصعب توزيع وعرض الأفلام بشكل مناسب، قد يتعذر على الجمهور الوصول إلى الأفلام ومشاهدتها، مما يقلل من فرصة تعريف الجمهور بأعمال المبدعين اليمنيين.


منذ عام 2015 وحتى الآن، تم إنتاج ثلاثة أفلام يمنية تستحق الاهتمام والترشيح في المهرجانات العالمية، بما في ذلك جوائز الأوسكار في فئة أفضل فيلم بلغة أجنبية (غير الإنجليزية). هذه الأفلام تمثلت في "أنا نجوم بنت العاشرة ومطلقة"، "10 أيام قبل الزفة"، و"المرهقون".


تلك الأفلام تمثلت في إبداع صناع الأفلام اليمنيين وقدرتهم على تجاوز التحديات وإنتاج أعمال ذات جودة عالية. إنها أعمال تسلط الضوء على القضايا الاجتماعية والثقافية في اليمن وتعكس تجربة البلاد في ظل الظروف الصعبة. يجب أن نشجع وندعم صناع الأفلام اليمنيين لمواصلة إبداعهم وإحضار قصصهم إلى العالم.


لماذا لم يتم إنتاج المزيد من الأفلام اليمنية التي تستحق المشاهدة؟


هذا السؤال يفتح الباب للتفكير في العديد من الجوانب التي تؤثر على صناعة السينما في اليمن، قد يكون من الأسباب الرئيسية عدم توفر فرص العمل للشباب اليمني الذين يهتمون بمجال السينما، قد يكون هناك نقص في الدعم المالي والتقني لصناعة السينما، وهذا يصعب على المبدعين الشباب تحقيق أفكارهم وإنتاج أفلامهم.


بالإضافة إلى ذلك، قد تكون هناك تحديات تتعلق بعدم تجاوب الدولة بشكل كافٍ لتطوير صناعة السينما في اليمن، قد يكون هناك قلة الاهتمام والتمويل الحكومي لتطوير البنية التحتية السينمائية، مثل بناء صالات سينما وتوفير معدات تصوير وتحرير عالية الجودة.


تعد صالات السينما أيضًا جوانب أساسية لنجاح صناعة السينما في أي بلد، وفي اليمن، قد يكون عدم وجود صالات سينما منتشرة على نطاق واسع أحد العوامل التي تقيد نجاح وانتشار الأفلام اليمنية، فبدون صالات سينما، يكون من الصعب على الأفلام اليمنية الوصول للجمهور المحلي وتحقيق النجاح التجاري.


بشكل عام، تتطلب صناعة السينما التطوير المستمر والاستثمار في المواهب الشابة وتوفير الدعم اللازم من الدولة والمؤسسات الثقافية، قد يكون القليل من الاهتمام والتوجيه السليم وراء عدم إنتاج المزيد من الأفلام اليمنية التي تستحق المشاهدة حتى الآن.


باختصار، يجب أن نهتم بصناعة السينما في اليمن ونقدم الدعم اللازم للمبدعين الشباب، يجب على الدولة أن تتبنى سياسات وإجراءات لتطوير البنية التحتية السينمائية وتوفير فرص العمل للشباب الموهوبين، كما يجب أن تتوفر صالات سينما تستوعب الأفلام اليمنية وتساهم في نجاحها وانتشارها، بالاهتمام بصناعة السينما في اليمن، يمكننا رؤية المزيد من الأفلام الرائعة التي تعكس ثقافة وتجارب الشعب اليمني.


ولا ننسى الفوائد الاقتصادية القوية والمهمة لصناعة السينما في اليمن، قد تساهم صناعة السينما في توفير فرص عمل للشباب وتعزيز الاقتصاد المحلي، من خلال إنتاج الأفلام وعرضها في صالات السينما، يمكن لليمن أن يجذب السياح والزوار من داخل وخارج البلاد، مما يسهم في زيادة الإيرادات السياحية وتنشيط القطاع السياحي، بالإضافة إلى ذلك، يمكن للأفلام اليمنية أن تكون وسيلة لترويج الثقافة والتراث اليمني، وبالتالي تعزيز الهوية الوطنية والتعريف باليمن على المستوى الدولي، بالاستثمار في صناعة السينما، يمكن لليمن أن يستفيد من الفوائد الاقتصادية القوية وتعزيز التنمية المستدامة.

* بكالوريوس إعلام - متخصص في الاعمال الدرامية


#تدوين

#طالب_يمني