كليات وأقسام الإعلام بالجامعات اليمنية والعربية وتهيئة المخرجات لمهن المستقبل
أ.د.علي الحاوري



أ.د. علي أحمد اليزيدي الحاوري*


في عصر نتحول فيه يومًا بعد آخر نحو الرقمنة وتطبيقاتها التي دخلت كل مجالات وتفاصيل الحياة، تشير دراسات علمية وتقارير دولية أن هناك عشر مهن ومهارات هي الأكثر طلبًا في سوق العمل خلال السنوات العشر القادمة وما بعدها. الأمر المثير للانتباه أن ثلاث مهن من بين العشر ترتبط بشكل وثيق تأهيلًا وتدريبًا بكليات وأقسام الإعلام. وهذه المهن والمهارات هي:

1- التأليف وكتابة المحتوى الرقمي 2- إنتاج وتحرير الفيديو الرقمي – 3- التسويق الإلكتروني (الرقمي)

أضيف عليها مهنة رابعة وهي "إعداد وإنتاج المحتوى التعليمي الرقمي"،-ومن واجبي كمتخصص أن أضيف مستندًا لحجة علمية تتمثل في-، توجه المنظومة التعليمية للجامعات وغير الجامعات في جميع أنحاء العالم نحو التعلم والتعليم الرقمي، وهذا يتطلب تأهيل كوادر في مجال إعداد وإنتاج المحتوى التعليمي الرقمي بحيث يكون ملائمًا لخصائص المتلقي الرقمي وخصائص الوسيلة الرقمية. وهنا يجب التأكيد على أن خصائص المتلقي الرقمي تختلف اختلاف جذري عن خصائص المتلقي التقليدي، لذا يجب أن تُراعى هذه الخصائص عند إعداد وإنتاج ونقل المحتوى التعليمي من حالته التقليدية إلى حالته الرقمية، وهذا شرط أساسي لكي يكون المحتوى أكثر جاذبية وأعلى تأثيرًا في المتلقي. إن من الأخطاء الفادحة التي تمارس في معظم جامعات العالم في هذا الشأن، أن مفهوم الرقمنة لديهم في أحد جوانبها التعليمية تتمثل في قيام هذه الجامعات بإتاحة المحتوى التعليمي التقليدي على وسائل رقمية فقط؛ بدون إعادة "إعداد وإنتاج هذا المحتوى ليتوافق مع خصائص المتلقي الرقمي وخصائص الوسيلة الرقمية"!

استنادًا إلى ما سبق تُناط بكليات وأقسام الإعلام في الجامعات اليمنية والعربية مهام كبيرة، تتمثل في التركيز على رفع مستوى تدريب وتأهيل منتسبيها على المهارات الأربع المذكورة أعلاه، وموائمة المنهج الدراسي لكليات وأقسام الإعلام بما يتوافق مع هذا الهدف، بغرض فتح الباب على مصراعيه أمام المخرجات الإعلامية للتوظيف، والمساهمة في عملية التحول الرقمي وبناء مجتمع المعرفة في كل جوانيه.

إن مما يزيد المسؤولية الملقاة على عاتق كليات وأقسام الإعلام أن مهارات الكتابة وإعداد وإنتاج المحتوى وتسويقه ليست مقتصرة على المجال الإعلامي والتعليمي فقط؛ بل شاملة لكل جوانب التنمية الأخرى الاقتصادية والصحية والتقنية والاجتماعية والسياسية. هذا جانب، وعلى الجانب الآخر، لا يمكن أن تصل كفاءة الفرد الذي يمارس بالهواية عملية الكتابة والتسويق وإنتاج المحتوى؛ لا يمكن أن تصل لمستوى مهارات خريجي كليات وأقسام الإعلام –إن اُحسن إعداده-، نظرًا للمعارف الضرورية الرديفة التي يتلقاها طالب الإعلام خلال أربع سنوات من دراسته الجامعية، والتي تساهم بشكل مباشر في اكتمال البنية المعرفية والعلمية والمهارية للخريج في أعلى مستوياتها. وأي تدني في كفاءة خريجي كليات وأقسام الإعلام في أي جامعة عن ما يجب أن تكون عليه المخرجات يجب إعادة النظر في أسباب هذا التدني منهجًا وأستاذًا ووسائل تعليم وتعلم وبنية تحتية.  



*أستاذ الإذاعة والتلفزيون جامعة الحديدة


#تدوين 

#طالب_يمني