السوق السوداء للشهادات العلمية!!
د.نوال الحزورة


د.نوال الحزورة *

فوجئت برقم يتواصل معي قبل فترة، وبلكنة عربية أفريقية أرسل لي أحدهم يسألني بإمكانية العمل في إعداد بحوث ودراسات واطروحات علمية، سالت لمن؟  Ù‚ال لمن يشتريها من طلاب العلم، أو قل من زبائنه ...؟؟!

طبعا بصراحة، لم اندهش من العرض نسمع عن الكثيرين - حتى من زملائنا - يعملون في هذا السوق، "سوق الشهادات العليا"ØŒ كان لدى الفضول ممن أعطاه رقمي، فلم يجب، قلت من عساه يظن أن أعمل في هذا السوق الرائج مهما كان المقابل ومهما كان الاحتياج، لأنه باختصار غش وحرام، ومخالف لكل الأعراف الأكاديمية وحتى الأخلاقية ...ØŒ فأنت حينها تعطي من لا يستحق مالا يستحق، وتساهم في تمايز وارتفاع أشخاص لا يستحقون إلى أماكن ومناصب قد تكون مؤثرة ....فأنت باختصار تساهم في تدمير وطن . 

ما يحزن أكثر ويثير استغربي، أن شهادة الدكتوراة والماجستير - فيما يبدو- أصبحت موضة، وبرستيج يحرص على اقتنائها من ليسم لها أهلاً، لا فكرياً، ولا علمياً، ولا حتى أخلاقيا ...فقط استكمال الإطار الاجتماعي أو الحصول على مناصب لا يستحقونها...ودرجات علمية عليا لعقول دنيا فارغة من العلم والأخلاق ....!!!

وهذا يأتي بسبب التساهل والتهاون التدريجي، الذي تزايد لدرجة جعلت المتردية والنطيحة تتجرأ على دخول مجال الدراسات العليا، العلم بالذات في الدراسة الجامعية وخاصة الدرجات العليا، لابد أن يكون لمن هم أهل لها، لأنك باختصار تؤهل النخبة الفكرية الاجتماعية بل نقول نخبة النخبة، ممن لهم القدرة على قيادة المجتمع بسفينة العلم والثقافة والاخلاق والأمانة العلمية..... والذين لا بد من غربلتهم واختيار الكوادر المثلى ممن يمتلكون المهارات الفكرية والخلفية العلمية التخصصية في مجالها، وقبل هذا، المستوى القيمي العالي الذي يحكم مساراتها بأخلاق العلم...!!

لذا لا تستغرب من شخص في نهاية مناقشته يتلقى بكل فخر التصفيق والحفاوة لعمل ليس عمله.!!

لا تستغرب ممن لم يكن أميناً لدرجته العلمية، ولايكون حريصاً على إنتاجه الفكري الذي نسب لغيره مادام قد حصل على المقابل المادي..!!

لا تستغرب ممن وضع له موقعاً باسم زائف على الإنترنت 

يبحث عن زبائن العلم ....

لا تستغرب من أساتذة جامعيين...أطباء ...سياسيين Ùˆ..Ùˆ لا يستطيعون حتى عمل ورقة بحثية علمية ...بل ربما لا يجيدون كتابة خطابات عادية  Ø¨Ø·Ø±ÙŠÙ‚Ø© علمية ....لأنهم باختصار فاشلون ....وصلوا بالغش الى حيث هم .   

من هنا أتت أهمية إجراءات التنسيق والقبول والتسجيل في الجامعات، واختبارات المقابلة، والتي لابد من تفعيلها لفرز المتقدمين، ممن يمتلكون القدرة العلمية لخوض غمار الدراسات العليا ويتحملون طريقها المضني بشغف واحترام..... أن نجعل الدخول لمجال الدراسات العليا، ميداناً صعب المنال إلا لمن يستحق علمياً وأخلاقياً .... لا أن نكتفي بفتح الباب على مصراعيه لمن يمتلك فقط القدرة المادية لدفع تكاليف الدراسات العليا والدفع لمن يقومون بكتابتها وانجازها!!!!

لابد من تفعيل القانون واتخاذ إجراءات رادعة بحق من يثبت مساهمته أو حتى تشجيعه هذا الجرم الأكاديمي، سواء من كتب أو كتبت له أو الوسطاء أو من تجرأ أن يكون سمساراً فيها في حرم العلم ...أو حتى من شجع بسكوته على كل هذه الانحرافات، مهما كان مبررها، فمن ثبت غشه لأخلاقيات العلم.. يعاقب وتسحب منه الدرجة العلمية .... فالدرجة العلمية أخلاق قبل أن تكون إجازة علمية في تخصص ما .... وما لم تكن أهلاً لها فابتعد واتركها لمن يستحق..! وهذا للعلم معيار أساسي لتفوق وتمايز الجامعات المحترمة.  

أمور لابد أن تؤخذ بالاعتبار في جامعتنا التي كثر فيها اللغط في هذا الأمر .... 

فهذه جامعة صنعاء ياسادة ...الجامعة اليمنية الأولى إن حرصنا أن تظل الأولى.....

 

* أستاذ الإذاعة والتلفزيون المشارك بجامعة صنعاء