عبده حسين:
مضى نحو عامين على تخرج الشابة اليمنية العشرينية خولة علي، من إحدى الجامعات الحكومية بصنعاء، في تخصص "فني عمليات"، وتمكنها من استخراج شهادة مزاولة مهنة، إلا أنها لم تحصل على عمل رغم بحثها المتواصل وتقديمها لملفها في عديد مستشفيات ومراكز صحية؛ وفق ما ذكرته لـ "نسوان فويس".
ولا يستطيع فنيو العمليات إلا أن يعملوا في مجالهم، فيما يستطيع خريجي التمريض العمل في أغلب أقسام المستشفيات من رقود وعناية وطوارئ وعيادات؛ حسب خولة.
وأضافت: "العاملين في أقسام العمليات بالمستشفيات هم خريجين تمريض وليسوا فنيو عمليات، وهذا مسبب لنا إحباط كفنيين عمليات".
خولة ليست الخريجة الوحيدة في تخصص فني عمليات، التي لم تحصل على عمل، بل كذلك هو حال زملائها وزميلاتها بدفعتها البالغ عددهم 50 طالباً وطالبة، حيث لم يتوظف منهم غير اثنين؛ أي بما نسبته 4%؛ وهي نسبة توظيف متدنية جداً ومخيفة.
رواتب زهيدة
أما الشابة لينا علي الحاصلة على دبلوم عالي في التمريض، فتشكو من عدم تقدير المستشفيات والمراكز والعيادات الخاصة لجهودها وزميلاتها الممرضات، رغم ساعات الدوام المتواصلة التي يقضينها طوال أيام الأسبوع التي تصل إلى 12 ساعة ودون أي إجازة حتى الجمعة، مقابل رواتب زهيدة يتقاضينها شهرياً تصل إلى نحو 90 ألف لا تغطي حاجتهن ولا تتناسب مع ساعات الدوام تلك، بل ويدفعن منها المواصلات اليومية والتغذية؛ وفق إفادتها لـ"نسوان فويس".
شهادات للبيع
يأتي ذلك فيما عرض طلبة وطالبات خريجين حاصلين على بكالوريوس تخدير وعناية مركزة من عديد جامعات يمنية حكومية وأهلية، شهاداتهم للبيع، نتيجة عدم حصولهم على فرص عمل في أي مستشفى، رغم اجتيازهم امتحان مزاولة المهنة بنجاح؛ حسبما ذكروه لـ"نسوان فويس".
مخرجات سنوية
ورغم ذلك، إلاَ أن عديد جامعات لا تزال تدرس مثل هذه التخصصات الطبية، في وقت يرفض فيه سوق العمل استقبال المئات من الخريجين.
ويوجد حوالي 19 كلية طب بشري في الجامعات الحكومية اليمنية، و14 كلية طب بشري في الجامعات الخاصة، من المتوقع أن يتخرج منها سنويًا ما يقارب 1650 طالباً وطالبة في المتوسط؛ وفق الدكتور خالد الحسيني، عضو الاتحاد الدولي لضمان الجودة والاعتماد الأكاديمي، في رده على "نسوان فويس".
يجب أن يكون هناك إحصائيات دقيقة للأعداد المطلوبة في كل تخصص وفقاً للكثافة السكانية للمنطقة والدولة، والحلول موجودة ولها مرجعيات ولكن تحتاج فقط التخطيط ومن ثم التطبيق والمتابعة والتقييم؛ حسب الحسيني.
ويرى الحسيني أن السياسة الحالية للقبول في الجامعات أحد الأسباب الرئيسة لإغلاق تخصصات كثيرة وستؤدي إلى إغلاق وإنهاء كثير من الكليات خصوصاً الانسانية وحتى بعض التخصصات الطبية والصحية والهندسية والتطبيقية، رغم حاجة الدولة لها، إضافة إلى عدم تناسق سياسة القبول والتنسيق مع احتياجات سوق العمل والسياسات الأخرى للدولة وربطها بالتقارير الصادرة من وزارات وأجهزة الدولة المعنية وخصوصاً وزارة الخدمة المدنية والجهاز المركزي للإحصاء أدى وسيؤدي الى تكدس خريجو تخصصات معينة وتناقص خريجو تخصصات أخرى أو تلاشيها.
ولفت إلى أن القبول المركزي المستند إلى تقارير واقعية ومعلومات صحيحة سيحدد الكليات الواجب توافرها في كل جامعة ومحافظة تبعاً لاحتياجاتها وأيضاً تبعا لعدد الخريجين وسوق العمل فيها وموارد الدولة المعتمدة لها، وأيضا سيقرر أي من التخصصات التي يجب توافرها في كل محافظة وما التخصصات التي لم نعد بحاجة لفتح القبول والتنسيق فيها أو تأجيل فتح التنسيق والقبول فيها لفترة معينة وهكذا.
ويرى أطباء أن الطريق الوحيد لأي شاب يسعى ليكون أخصائي تخدير أو عناية مركزة أو عمليات أو غيرها من التخصصات هو دراسة الطب البشري لمدة 7 سنوات ثم يتخصص في أي مجال بمرحلة الماجستير ثم يتدرج حسب سنوات الخبرة.
منعطف حرج
ويمر التعليم الطبي في اليمن بمنعطف حرج، وإذا لم يتم إجراء إصلاحات عاجلة، فسوف ينهار النظام؛ حد تعبير الاستاذ الدكتور رضوان النجار عميد كلية الطب البشري، بجامعة الجيل الجديد الأهلية بصنعاء، في حديثه لـ"نسوان فويس".
وحسب النجار فإنه من غير المحتمل أن يصل الطلاب داخل النظام في الوقت الحالي إلى مستوى مقبول من المهارات السريرية عند التخرج، وهناك حاجة ماسة لتقليل عدد الطلاب في النظام، ومن الضروري أن يتولى المجلس الطبي مسؤولية تحديد والحفاظ على المعايير في التعليم والخريجين.
ولا يزال التعليم الطبي في اليمن يحتل مرتبة متدنية في قائمة تصنيف التعليم الطبي العالمي بالإضافة إلى أن نسبة الطبيب- المريض 3 لكل10,000 شخص، وهي أقل من النسبة التي اعتمدتها منظمة الصحة العالمية وهي 30 طبيب لكل 10,000 شخص.
بيانات المتوقع تخرجهم
وتلزم المادة رقم (25) من قانون الخدمة المدنية رقم (19) لسنة 1991م بشأن مخرجات النظام التعليمي والتدريبي، الوحدات والجهات التعليمية والتدريبية بتقديم بيانات ومعلومات بالأعداد المتوقع تخرجها في مختلف التخصصات والمهن قُبيل ثلاثة أشهر من موعد التخرج إلى وزارة الخدمة المدنية أو أحد فروعها وفقاً للنموذج الذي تضعه الوزارة لذلك، فيما تنص المادة (28) على أن يتقدم الخريجون وغيرهم من طالبي التوظيف في الخدمة المدنية بعد اتمامهم إجراءات القيد والتسجيل في مكاتب التسجيل إلى الوزارة أو أحد فروعها لغرض ترشيحهم وتوزيعهم على وحدات الجهاز الإداري للدولة، ويجوز التوزيع للقطاع العام والمختلط في حالة الطلب.
تم إنتاج هذ التقرير بالتعاون مع نسوان فويس
#طالب_يمني