كليات الإعلام في اليمن: مخرجات بلا عمل.. وأقسام على وشك الإغلاق
عاصم السادة


عاصم السادة*

أربعة أعوام دراسية يقضيها الطلبة في كليات الإعلام ينهلون من حقولها ثمار المعرفة والعلوم التي تؤهلهم لأن يكونوا قادة للرأي وحملة لمشاعل التنوير الفكري والمعرفي في المجتمع، وهذا لن يتأتى ما لم يتم استيعاب هذا الكم الكبير من مخرجات الإعلام في سوق العمل كلاً في مجاله التخصصي بحيث يقدمون ما اكتسبوه من أدبيات نظرية على الواقع العملي، وبالتالي لا معنى لتكديس العلم في ماهيتنا دون الاستفادة منه في حياتنا واستثماره وتحويله إلى طاقات منتجه تصب في الصالح العام.

ما نشهده من أفواج للطلبة الخريجين من أقسام الإعلام في الجامعات اليمنية أمر يستدعي للفخر كونهم رواد المستقبل ومرآة المجتمع في تناول قضاياه وهمومه ومشكلاته وبحث الطرق الناجعة في معالجتها والكشف عن الحقيقة التي تظل غائبة عن أذهان السواد الأعظم من الناس، وهذا الدور لن يستطيع القيام به سوى الإعلاميين الذين يحملون على عواتقهم القيم الإنسانية والشجاعة الأدبية والضمير الحي لتقويم الاعوجاج أينما وجد باعتبارهم السلطة الرابعة، بيد أن في واقعنا اليمني نلاحظ عدم الاهتمام بهذه المخرجات الإعلامية غير الهينة في الأخذ بيدها من خلال صقل مهاراتهم وتدريبهم وتطوير قدراتهم وإكسابهم المهارات المهنية، وتوفير الفرص المناسبة وإتاحة المجال لهم وتمكينهم من العمل في تقديم ما لديهم من إبداعات كامنة في ذواتهم، وبالتالي إن وجدت تلك المحفزات للإعلاميين لاسيما في اليمن تبقى للأسف محصورة في نطاق محدود وخاضعة في نطاق الانتماءات المتعددة وهذا أمر مؤسف قد يضع الصحفيين أو الإعلاميين بين خيارين إما الحياد أو الانحياز، وبلا شك أن هذا يؤثر على استقلاليتهم وأدائهم المهني لاسيما إذا كان خيارهم الثاني.

وهنا لا بد أن تضع الدولة ومؤسساتها خطط استراتيجية لاستيعاب هذه المخرجات الإعلامية في وضع برامج علمية وعملية تحدد احتياجات ومتطلبات سوق العمل وذلك من خلال التنسيق مع الجامعات والقطاعين الحكومي والخاص وكذا المنظمات المحلية والإقليمية والدولية المعنية بالإعلام في احتواء تلك المخرجات بدلا من تركها تتسرب نحو أعمال غير تخصصاتها وتخلق حالة من الشعور بالندم لدخولها هذا المجال، ما قد يؤثر بل ويهدد وجود كليات و أقسام الإعلام في الجامعات اليمنية برمتها ويؤدي في نهاية المطاف إلى إغلاقها، لأنها لم تعد ذا قيمة لافتقادها البيئة المناسبة لاستقطاب المخرجات في سوق العمل، نتيجة العزوف عنها، لذا يجب التنبه لهذا الأمر قبل فوات الأوان.

صحيح أن الحرب في اليمن تسببت في انحسار واقع الإعلام بشكل كبير، وأفقدت هذا الحقل العلمي الذي يعد من أرقى العلوم الإنسانية حضوره متعدد الاتجاهات، لكن لا يعفي ذلك من الحفاظ على مكانة الإعلام بكل تخصصاته، وهذه مسؤولية الجميع ابتداءً من الجامعة ومروراً بالدولة وانتهاءً بالمؤسسات الصحفية والإعلامية الحكومية والخاصة، في تكريس جل اهتمامها باقسام وكليات الإعلام ومخرجاتها وتهيئة ظروف العمل المناسبة لهم بحيث تؤدي دورها كما يجب.


*باحث يمني في الإعلام والاتصال

#تدوين 

#طالب_يمني