من يفضل طلبة وطالبات المدارس بصنعاء.. المعلم المتطوع أم الأساسي؟
معلمة يمنية باحد الفصول الدراسية (أرشيفية)


طالب يمني/ زينب الرباط:

 

تواجه الطالبة رابعة عبدالله، التي تدرس في الصف الثاني الثانوي بالمدرسة الحديثة بصنعاء، صعوبة في فهم شرح بعض المواد التي يتولى تدريسها معلمين متطوعين يكتفي بعضهم بكتابة عناصر الدرس على السبورة أثناء الحصة، ويتهربون من الإجابة عن بعض أسئلة الطالبات، مقارنة ببعض المعلمين الأساسين الذين يتمتعون بأساليب متميزة ومتنوعة في شرح الدروس وتوصيل المعلومة للطلبة وضبط الفصل؛ وفق ما ذكرته لـ"طالب يمني".

غير أن الطالبة سارة وليد، التي تدرس بالمرحلة الثانوية في مدرسة بلقيس بصنعاء، ترى أن وجود المعلمين المتطوعين في المدارس الحكومية شيء إيجابي، لكون المعلم المتطوع لديه شغف بالتدريس بحكم صغر سنه وما يزال يمتلك طاقة كبيرة لتحمل الطلبة؛ حسبما ذكرته لـ"طالب يمني".

وسائل مبتكرة

ومع ذلك فإن رحيمة الشميري، معلمة اللغة العربية بمدرسة الأقصى الشريف الحكومية   بصنعاء، تحرص على استخدام وسائل خاصة مبتكرة وجديدة لإيصال المعلومة أثناء الشرح بشكل أفضل للطلبة ولمست ذلك بحبهم للمادة، وهي متطوعة وليس لديها درجة وظيفية، لكنها تمتلك خبرة طويلة في مجال التدريس، وتحب مهنتها وتود تقديم خلاصة خبرتها وزبدة معلوماتها للطلبة، ولايهمها إن كان هناك مقابل مادي أم لا؟؛ حسبما قالته لـ"طالب يمني".

تضيف رحيمة: "إذا التحق كل المعلمين بالمدارس الأهلية وتركوا المدارس الحكومية، فمن سينظر لحال الطلبة الدارسين في المدارس الحكومية من ذوي الدخل المحدود؟".  

ما جعل رحيمة تلتحق بالتدريس التطوعي هو تعاون إدارات المدارس الحكومية مع المعلمين ومراعاة ظروفهم بعكس المدارس الأهلية التي لا تراعي ذلك، وتجبر المعلمين الالتزام بكافة شروطها؛ وفق ما ذكرته.

معلم متطوع شغوف

توافقها الرأي أسماء فرحان معلمة مادة الرياضيات بمدرسة الأقصى الشريف الحكومية بصنعاء، التي ترى أن المعلمين المتطوعين غطوا 70% من العجز في المدارس الحكومية، نتيجة ترك كثير من المعلمين الأساسيين للتدريس منذ انقطاع الرواتب قبل سنوات؛ وفق ما ذكرته لـ"طالب يمني".

وبالرغم من تغطية المعلمين المتطوعين للعجز في المدارس الحكومية، إلاَ أن فرحان ترى أن قلة خبرة البعض منهم ونقص كفاءتهم، أثرت سلباً على العملية التعليمية، فقد تجد معلماً متطوعاً للغة العربية يخطئ في الإملاء أو معلمة للرياضيات لا تعرف ما هو "المخروط" مثلاً.

وتبدي فرحان إنزعاجها من استهتار بعض المعلمين المتطوعين في التعامل مع الطلبة، ما أدى إلى ضعف تقدير الطالب للمعلم، فقد ترى بعض المعلمات المتطوعات يتعاملن مع طالبات وكأنهن صديقاتهن؛ يمزحن ويضحكن معهن، وقد يتسابقن معاً في الجري بساحة المدرسة، وغيرها من التصرفات التي لا تليق بمقامهن كمعلمات، ما نتج عن ذلك ضعف استجابة الطلبة للمعلمين.   

ومع ذلك فإن وجود معلم متطوع شغوف، لديه همة وطاقة كبيرة لتعليم الطلبة هو أفضل من وجود بعض المعلمين الثابتين، وفي بعض الأحيان نجد أن المعلم الثابت قد مضى عليه وقت طويل وهو يدرس ما قلل من رغبتهم في التدريس، وخاصة مع انقطاع المرتبات والبعض الآخر يكون كبيراً في السن فأصبح لا يقوى على الوقوف طويلاً لمرض ما، يعاني منه؛ وفق فرحان.

هل يمكن لوم المعلم المتطوع؟

لكن علي عليان معلم مادة الاجتماعيات بمدرسة المحضار الحكومية بصنعاء، يرى أنه "لا يمكن إلقاء اللوم على المعلم المتطوع بشأن ضعف العملية التعليمية"؛ وفق ما قاله لـ"طالب يمني".

ويرى عليان أن هناك أسباب كثيرة أدت لذلك منها، ازدحام الفصول الدراسية بعدد كبير من الطلبة ما يؤدي إلى عدم قدرة المعلم على تمييز الطالب الضعيف من غيره للتأكد من مستواه الدراسي وانعدام الكتب ما يضطر المعلم لشراء أقلام على حسابه الخاص لنقل كل ما في الكتاب إلى السبورة حتى يستطيع الطلبة المذاكرة، إضافة إلى صعوبة بعض المناهج.

متطوعون ذوي خبرة

وتعمل نحو سبعة عشر معلمة متطوعة بمدرسة الأقصى الحكومية للبنات بصنعاء، تختارهن مديرة المدرسة هدى علي، بناء على اختبار يقيس خبرتهن وكفاءتهن من قبل الموجه المقيم في المدرسة؛ وفق ما ذكرته لـ"طالب يمني".

تقر هدى بأن لدى مدرستها معلمين متطوعين ذوي خبرة وكفاءة وكثير منهم حاصلين على شهادات جامعية.

ترى هدى أن عدم قدرة بعض المعلمين المتطوعين على احتواء الطلبة لتقارب العمر بين المعلم المتطوع والطالب، من أبرز السلبيات التي رصدتها.

تقييم شهري 

فيما يعمل نحو 37 معلماً متطوعاً في المدرسة الحديثة بصنعاء، إثر غياب كثير من المعلمين الثابتين بالمدرسة وتركهم للتدريس؛ حسبما أفادت فائقة البواب مديرة المدرسة في ردها على "طالب يمني".

وعند استقدام معلم متطوع يتم اختياره وتقييم أدائه بعد قيامه بشرح أحد الدروس ليتم قبوله أو رفضه، إضافة إلى قيام الموجهين بإجراء تقييم شهري للمعلمين المتطوعين في الفصول التي يقدمون حصصاً فيها، مع تحري العدالة في التعامل بين المعلم المتطوع والمعلم الثابت، والحد من أي احتكاكات أو مشاحنات قد تحصل بينهم؛ وفق هدى.

توفير رواتب المعلمين

وتتباين الدوافع لدى المعلمين المتطوعين، ما بين من استشعروا المسؤولية وقاموا بدورهم المجتمعي في المحافظة على صمود واستمرار جبهة التعليم، وآخرين بدافع الحصول على التثبيت في سلك التعليم بعد استمرارهم في التدريس لسنوات، وصنف ثالث دفعتهم الحاجة للمبالغ المادية البسيطة التي يحصل عليها المعلمين من رسوم المشاركة المجتمعية التي يدفعها الطلبة، أو الحافز، إلى جانب عدم كفاية المعلمين الثابتين خاصة بعد انسحاب الكثير منهم للتدريس في المدارس الأهلية؛ حسبما أكدته أمة الحليم المتوكل، نائب مدير المنطقة التعليمية بمديرية شعوب بصنعاء، لـ"طالب يمني".

ودعت إلى تقدير جهود المعلمين وتوفير جزء من رواتبهم شهرياً، والاهتمام بتأهيل وتدريب المعلمين والإداريين وإعدادهم لاستخدام التكنولوجيا الحديثة، وتحسين البيئة المدرسية بالتوسع في بناء المدارس وتوفير الوسائل التعليمية المناسبة، وتشجيع الهجرة المعاكسة من المدن إلى الأرياف، وإشراك أولياء الأمور والمجتمع في تطوير التعليم.

تأثير إيجابي

ويعتبر المعلم مربي الأجيال وصانع العقول والمهارات والأخلاق ويلزمه العلم والخبرة والسلوك الحَسن حتى يؤثر تأثيراً إيجابياً في طلبته؛ حسبما أكدته الدكتورة سعاد السبع، أستاذ المناهج وطرائق التدريس بكلية التربية، جامعة صنعاء، لـ"طالب يمني".

وتضيف: لا بد أن يبدأ المعلم بالدراسة أولاً، ثم يمارس ما درسه ممارسة ميدانية فيكتسب الخبرة ولا يتوقف عن التعلُم وتطوير ذاته، وكل ذلك يجب أن يكون محكوماً بقيم القدوة الصالحة، لأن المعلمين منتجهم الإنسان وليس غيره، ولذلك أي انحراف في أخلاقهم سيدمر أجيالاً ولا يستطيع المجتمع تصحيح آثارهم إن كانت سلبية.

ويحتفل العالم في الخامس من أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للمعلم اعترافاً وتكريما لجهوده في بناء المجتمعات الإنسانية حيث هو الصانع الأول لكل المبتكرين والمبدعين والساسة والمفكرين في مختلف المجالات، وكمعلمي العالم يحتفل المعلم اليمني بالمناسبة مع فارق أحال حياته إلى جحيم.

#يوم_المعلم_العالمي

#طالب_يمني