سياسة القبول في الجامعات اليمنية تعيق الطلبة الفقراء وطلبة يؤيدون تغييرها
طلبة في قاعة محاضرات بجامعة الحديدة (صفحة الجامعة على فيسبوك)

 

 


 

يرى أكاديميون أن سياسة القبول في الجامعات اليمنية الحكومية والأهلية تعيق الطلبة الفقراء، وتناقض العدالة.

ودعوا إلى ضرورة إيجاد سياسة قبول مركزي لإنعاش الكليات الإنسانية وبعض التخصصات الطبية والعلمية، فيما رأى آخرين أن تخفيض معدلات القبول وفرض امتحان كفاءة وقبول بكافة التخصصات هي أحد الحلول..

"طالب يمني"، سلط الضوء على واقع سياسة القبول الحالية في الجامعات اليمنية الحكومية والأهلية، ومدى إسهامها في تحقيق العدالة الاجتماعية وتمكين الفقراء، وأجرى التحقيق الذي تقرأون تفاصيله في السطور التالية..

 

سياسة القبول في الجامعات تناقض العدالة وتعيق الطلبة الفقراء 

 

لاتسهم سياسة القبول والتنسيق الحالية في الجامعات اليمنية الحكومية والأهلية في تحقيق العدالة الاجتماعية، أبدا، بل هي نقيض للعدالة الاجتماعية؛ حسب الدكتور عبدالله أبوالغيث، أستاذ التاريخ بجامعة صنعاء، في حديثه لـ"طالب يمني". 

و وفق أبو الغيث، فإن "الجامعات الحكومية صارت تقبل عدد محدود من الطلبة في النظام العام، بينما تقبل أضعافهم في النظامين الموازي والنفقة الخاصة وبشروط ميسرة، وذلك يقف عائقا أمام أبناء الفقراء ويمنعهم من الالتحاق بالتخصصات التي يريدونها، إلى جانب كونه يتعارض مع مجانية التعليم الحكومي، أما الجامعات الأهلية فلا يقدر على رسومها إلا أولاد الأغنياء والوجهاء والمسؤولين".

وحتى التخفيضات التي يحصل عليها البعض تتدخل فيها المجاملات والمحاباة، سواء في الجامعات الحكومية أو الأهلية؛ برأي أبو الغيث.

وأضاف: "إلى جانب أن التنسيق الإليكتروني وتكرار دفع رسوم التنسيق في حال رغبة الطالب التسجيل بتخصصات جديدة بعد عدم توفقه بالقبول في التخصص الأول يشكل عبئا على ذوي الدخل المحدود، والمفترض أن يتم أخذ الرسوم لمرة واحدة فقط حتى يقبل الطالب في تخصص معين".

وتابع: "وكذلك السياسة العشوائية التي تمارسها الجامعات باعتبارها أن الأهمية فقط تتركز في الكليات الطبية وبعض الكليات العلمية، وعدم اهتمامها بالكليات ذات التخصصات الإنسانية بحجة أنها لا توفر إيرادات للجامعات، مع أن ما يحدث في الدول المتقدمة هو العكس".

وأكد على "الحاجة لتسليم قيادة الجامعات اليمنية الحكومية والخاصة لأناس يحملون رؤى وطنية شاملة وينظرون للجامعات باعتبارها منارات علم وليس مصالح إيرادية، ويراعون أبناء الفئات الفقيرة والمعدمة، خصوصا في ظل الظروف الي يمر بها الشعب اليمني".

 

 

في السنوات الأخيرة..الجامعات اليمنية تفتح أبوابها بلا قيود

 

يرجع ضعف إقبال طلبة اليمن على الالتحاق بالكليات والتخصصات الإنسانية إلى "تأثير الحرب والظروف الاقتصادية الناتجة عن ذلك والتي أدت لأن يعزف كثير من الطلبة عن الالتحاق بالجامعات وليس فقط تخصصات بعينها، إضافة إلى كثرة الجامعات اليمنية والذي أدى لوجود تنافس محموم فيما بينها، أيضاً قيام الجامعات الحكومية بفتح أبوابها في السنوات الأخيرة دون أي قيد أو سقف معين"؛ وفق الدكتور مطهر عقيدة، عميد كلية العلوم الإنسانية والإدارية بجامعة المعرفة والعلوم الحديثة الأهلية بصنعاء، في حديثه لـ"طالب يمني".

 

الطلبة يفضلون التخصصات المرتبطة بسوق العمل 

 

يفضل الطلبة الإلتحاق بالكليات والتخصصات الطبية والهندسية التي ترتبط أكثر بسوق العمل، لأن فرص العمل والتوظيف بالنسبة لخريجي الكليات الإنسانية أصبحت محدودة خلال السنوات الأخيرة؛ وفق الدكتور علي العمار، رئيس قسم الصحافة والنشر الإلكتروني بكلية الإعلام جامعة صنعاء، في حديثه لـ"طالب يمني". 

وحسب العمار، فإن ضعف العملية التعليمية ومخرجات التعليم العام جعل كثير من الشباب يعزفون عن الإلتحاق بالتعليم الجامعي، عزز ذلك عدم وجود استراتيجية وطنية لدى الجهات المختصة_ إن كان هناك جهات مختصة_ لاستيعاب مخرجات التعليم الجامعي في القطاعين العام والخاص.

وأشار إلى أن انقطاع الرواتب منذ سنوات أفقر الأسر اليمنية التي تنتمي للطبقة المتوسطة، فهاجر أبنائها إلى العمل الحر، مثل بيع القات والعمل بالدرجات النارية والتسكع في الشوارع وغير ذلك من المآسي.

ولفت إلى أن الإقبال على التعليم الجامعي من قبل الشباب اليمني يواصل الانخفاض تدريجيا سنة تلو أخرى، بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة لكثير من الأسر التي باتت لاتستطيع توفير المصروف الدراسي اليومي لأبنائها الراغبين في الدراسة.

 

 

ماذا يحتاج الطلبة بمجالات الصحافة والإعلام والفنون؟

 

مجالات الصحافة والإعلام والتمثيل والفنون عامة تحتاج لثقافة موسوعية ولغة وموهبة واستعداد ومثابرة وعشق للمجال وتواضع وتقبل النقد والاهتمام بمشاكل وهموم وتطلعات ورأي الجمهور؛ وفق ما ذكرته الدكتورة سامية عبدالمجيد الأغبري، أستاذ الصحافة بجامعة صنعاء، لـ"طالب يمني".

 

لا فرق بين الطلبة الحاصلين على نسبة 90 أو 50% والمعيار اختبار الكفاءة!

 

"أنا مع معيار القبول في التعليم الجامعي بناء على اختبار الكفاءة في جميع الكليات وليس على نسبة الشهادة الثانوية فقط، مع إلغاء القبول بنظام التعليم الموازي والنفقة الخاصة"؛ هكذا قال التربوي يوسف جبار، رئيس قسم مناهج الرياضيات المدرسية بوزارة التربية والتعليم بصنعاء، في رده على "طالب يمني". 

وحسب جبار فإن الطلبة الحاصلين على نسبة 90 أو 50 % لا فرق بينهم، لأن العام الدراسي أصبح أربعة شهور، والمعلم متطوع وبعضهم خريجي ثانوية عامة وقد ربما حصلوا عليها بمساعدة زميل أو ضربة حظ في ظل الاختبارات الوطنية بنظام الأتمتة التي أثبتت عدم جدواها. 

ووفق جبار، فقد أصبح الطالب معظم الوقت مشغول في البحث عن لقمة العيش لمساعدة أسرته، وربما لا يعرف حتى اسم المواد الدراسية وعدد الكتب المقررة عليه، أضف إلى ذلك أيضا أن المعلم أصبح بدون راتب شهري منذ عدة سنوات، ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر..

وبالتالي أصبحت مهنة التعليم أدنى المهن العاملة في اليمن، ولهذا لا يوجد إقبال على كليات التربية في معظم الجامعات اليمنية، وبات الطلبة يبحثون عن تخصصات تؤكلهم عيش، في وقت يتجه فيه التعليم باليمن نحو الهاوية في ظل التسارع العلمي والمعرفي في جميع أنحاء العالم؛ حسب رأي جبار.

 

تخفيض معدلات القبول في كليات التربية والآداب قرار غير سليم 

 

على الرغم من ضعف إقبال طلبة اليمن على كليات التربية والآداب بالجامعات اليمنية، إلا أن تخفيض معدلات القبول في أقسام هذه الكليات قرار غير سليم واستهانة بالتخصصات والكليات الإنسانية، يضر بمستقبل اليمن وينشئ أجيال ضعيفة وهشة، وخاصة عندما يتعلق بكليات التربية التي يتم الاعتماد عليها لبناء خريجين سيكونوا مسؤولين عن بناء أجيال الغد؛ حسبما يراه الدكتور عبدالغني الحاوري، أستاذ أصول التربية بجامعة صنعاء.

وتساءل: كيف نتوقع الغد إذا كان بناته من أضعف الأشخاص و أردأ المهارات؟.

 

طلبة طب بلا لغة إنجليزية!

 

يجب تعزيز سياسات قبول الطلبة في كليات الطب وتحسين موضوعية مقابلات القبول في الكليات العامة والخاصة، مع ضرورة تركيز التعليم الطبي على سكان الريف وفتح بعض المدارس الطبية في تلك المناطق؛ حسب تأكيد البروفيسور رضوان النجار، عميد كلية الطب بجامعة الجيل الجديد الأهلية بصنعاء، لـ"طالب يمني". 

وأضاف: المعايير الحالية لاختيار الطلبة لا تأخذ في الاعتبار كفاءتهم في اللغة الإنجليزية، التي تسمح بالوصول إلى معايير عالمية تنافسية والقدرة على فهم آخر التحديثات حول مختلف القضايا في المجالات الطبية في العالم. لأن غالبية المجلات المرموقة مكتوبة باللغة الإنجليزية، ومع ذلك، فإن العيب هو أن الطلبة الذين تخرجوا من المدارس الثانوية ليس لديهم ما يكفي من اللغة الإنجليزية؛ وبالتالي، يجب على وزارة التعليم العالي فرض معايير القبول الأكثر صرامة في اللغة الإنجليزية على شروط القبول في الكليات الطبية.

 وحث على تزويد كليات الطب الجديدة بأعداد كافية من أعضاء هيئه التدريس المؤهلين. الحد الأدنى المقبول لنسبة أعضاء هيئة التدريس إلى الطلبة هو عضو هيئة تدريس لكل سبعة طلبة، ومع ذلك، فإن بعض كليات الطب التي تم إنشاؤها بالفعل تواجه نقصا في عدد أعضاء هيئة التدريس، وهذا هو الجانب الأكثر إثارة للقلق، كما أن هناك دليل واضح على أن المحاضرين ينتمون إلى أكثر من كلية، أحيانا في مدن مختلفة. 

وأبدى قلقه أيضا بشأن المعلمين السريرين الذين يزورون المستشفيات فقط للتدريس ولا يتحملون أي مسؤولية إكلينيكية تجاه المرضى الذين يقومون بتدريسهم، وبالتالي لا يمكن للطالب التعرف على تطور المرض وآثار العلاج ما لم يتابع المريض طوال فترة المرض، من الصعب أن يحدث هذا إذا لم يكن معلمه مسؤولا عن رعاية المريض اليومية، وبذلك فإن تطوير المحاضرين هو أولوية قصوى، كما يجب أيضا تشجيع المحاضرين على البقاء على إطلاع دائم في مجالهم…

ولفت إلى أن معظم المناهج الدراسية تقليدية، على الرغم من أن جميعها تحتوي على مراحل مهمة من العلوم والممارسة السريرية ولكن هناك اختلالا واضحا في التوازن، حيث تلقى موضوعات العلوم السريرية قدرا غير كاف من الاهتمام ، مقابل تركيز عام على علوم التشريح ووظائف الأعضاء والكيمياء الحيوية ونقص في التركيز على العلوم السلوكية والاجتماعية.

 

 

تخفيض معدلات القبول في التخصصات الإنسانية أحد الحلول 

 

تخفيض معدلات القبول في التخصصات الإنسانية والعلمية بكليات التربية والآداب والشريعة والحقوق والتجارة والإعلام، بالجامعات اليمنية الحكومية يعتبر أحد الحلول لمواجهة المنافسة من قبل الجامعات الخاصة، ونوع من التسهيل المقدم لتشجيع الطلبة على الإلتحاق بمثل هذه الأقسام والكليات بدلا عن إغلاقها؛ حسب تأكيد الدكتور عبدالرحمن الصعفاني، أستاذ الأدب والنقد بجامعة صنعاء، في حديثه لـ"طالب يمني".

 

حل جذري لإنعاش الكليات الإنسانية في الجامعات اليمنية

 

 تعتبر السياسة الحالية للتنسيق والقبول في الجامعات اليمنية الحكومية أحد الأسباب الرئيسة لإغلاق تخصصات كثيرة وستؤدي إلى إغلاق وإنهاء كثير من الكليات خصوصا الانسانية، وبعض التخصصات الطبية والصحية والهندسية والتطبيقية رغم حاجة الدولة لها، وبالتالي فإن الأنسب إعتماد القبول المركزي المستند إلى تقارير واقعية ومعلومات صحيحة؛ حسب تأكيد الدكتور خالد الحسيني، مستشار رئيس جامعة ذمار لشؤون التطوير الأكاديمي والأتمتة، لـ"طالب يمني".


62 % من طلبة اليمن يؤيدون القبول المركزي في الجامعات 

 

62 بالمائة من طلبة اليمن يؤيدون إصدار سياسة قبول مركزي موحد في الجامعات اليمنية الحكومية والأهلية، مقابل 38 بالمائة لايؤيدونها، ويفضلون بقاء سياسة التنسيق الحالية.

جاء ذلك في استفتاء أجراه "طالب يمني"، على قناة تلغرام، شارك فيه 37 طالبا وطالبة.

 

#ميدان_الطلبة 

#طالب_يمني