طالب يمني/ إلهام علي:
على طريق الألم، والعذاب، والتعب، والصعاب، يُشاركن الباحثات اليمنيات في تنمية أوطانهن.
من بين عشرات الباحثات، تعمل الباحثة فاتن ثامر، تعمل أستاذًا بقسم الكيمياء التحليلية بجامعة صنعاء، وسبق لها أن تحصلت على جوائز من مجلات علمية محكمة على المستوى الدولي. أنهت فاتن دراستها بعد معاناة شديدة في مجتمع تتعرض فيه بعض النساء للتهديد بمجرد التحاقها بالجامعة، لكن فاتن تجاوزت ذلك وعينت معيدًا بقسم الكيمياء؛ نظرًا لتفوقها.
بدأت فاتن مشوار تحضير الماجستير تحت ضغوط عديدة تمثلت في معاناتها مع توفير مواد البحث العلمي وعدم توفر الأجهزة الخاصة بفحص عينات البحث، ومع كل هذه المعاناة تفوقت وكانت الأولى بمرحلة الماجستير، بعدها بدأت رحلة الدكتوراة التي كانت محفوفة بمشكلات تمثلت في تغيير المشرفين على أطروحتها ثلاث مرات بسبب هجرتهم إلى خارج الوطن، وفي كل تغيير للمشرف يتغير معه موضوع البحث الذي قد تكون قطعت فيه شوطًا كبيرا.
تعرضت فاتن لجلطة بعد ولادتها لطفلها الأول، لكنها تعافت بفضل الله، ولم تيأس أو تستسلم، بل قدمت موضوع بحثها مجددًا خصوصًا بعد ما عين القسم مشرفًا لها وأكملت مرحلة الدكتوراة بعد سلسلة من الصعوبات.
تخصصات نادرة
أما الباحثة خلود الضريبي، من جامعة ذمار، فترى أن أول ما يواجه الباحثات هو الجانب الاقتصادي والاجتماعي اللذين يؤثران على اختيارهن لمواضيع البحث. حيث تحرص الباحثات على اختيار موضوعات غير مكلفة ماديًّا ولها وجود في النطاق الاجتماعي.
ومن جانب آخر تمثل سوء خدمة (الإنترنت) وندرة المراجع العلمية الحديثة في المكتبات، وعدم توفر الأدوات والمواد عائقًا أمام الباحثات، ما يضطرهن إلى استيرادها من الخارج.
وتضيف: "ومن الصعوبات التي مررت بها تمثلت في ندرة الأساتذة المتخصصين في بعض التخصصات مثل الفيزياء الطبية الذي أبحث فيه".
ومع ذلك اجتازت خلود تلك الصعوبات، وأكملت تحضير الماجستير بنجاح، وها هي تستعد -الآن- لمناقشة بحث الدكتوراة.
فيما تستذكر الباحثة رنا الربيدي، المدرسة بكلية الصيدلة، جامعة صنعاء، أنها استطاعت أن تنهي رسالة الماجستير بتفوق، على الرغم من مواجهتها صعوبات عديدة تمثلت في قلة المعامل البحثية والأجهزة لعمل التحاليل اللازمة، مما يضطر الباحثة إلى إرسال عيناتها إلى الخارج لفحصها عبر DHL.
وتضيف: "أن أصعب ما تواجهه الباحثة في اليمن، هو القدرة على شراء المواد الكيميائية الباهظة الثمن" وتؤكد -أيضًا- "أن الوقت المخصص لمقابلة مشرفها غير مناسب بسبب انشغاله صباحًا، كما أنها هي لا تستطيع أن تقابله مساءً بسبب ببعض القيود المجتمعية على المرأة.
معوقات
و بلغ عدد الباحثات للعام 2022/2023م في جامعة صنعاء 236 باحثة في كافة التخصصات منهن 185 باحثة في مرحلة الماجستير و51 باحثة في مرحلة الدكتوراة، من إجمالي 549 للماجستير والدكتوراة؛ وفقًا لإحصائية حصلت عليها معدة التقرير من نيابة الدراسات العليا بالجامعة.
ومع إرتفاع عدد الباحثات تزداد الصعوبات التي تواجه الباحثة اليمنية في ظل مجتمع تحكمه عادات وتقاليد تعمل على تقييد المرأة.
وتتعدد وتتفاوت المجالات التي تتعرض فيها المرأة اليمنية للتمييز والمقارنة بينها وبين الرجل، من المنزل، إلى المدرسة، إلى الجامعة، وصولاً إلى مكان العمل؛ حسب الدكتورة أروى الشميري الاستشارية في قضايا العنف ضد المرأة والتي تعمل في اتحاد نساء اليمن بصنعاء.
وتضيف الشميري " الباحثات اليمنيات يواجهن تحديات وصعوبات أسرية تعيقهن عن إكمال أبحاثهن العلمية، كما لا يتم تحفيز الباحثات المتميزات بأي جوائز أو حوافز تجعلهن يقدمن تلك الأبحاث بشكل أفضل".
وأشارت إلى أن "نظرة المجتمع للفتاة بدأت تتغير ويعود ذلك إلى تفوقها وإجتهادها".
وفي ظل صعوبة السفر والتنقل في اليمن وقطع الطرقات وتقييد سفر الباحثات اليمنيات لإجراء أبحاثهن أو حضور بعض التدريبات في الخارج، يؤكد الدكتور إبراهيم لقمان، نائب رئيس جامعة صنعاء للدراسات العليا، أن "الباحثات في اليمن أثبتن جدارتهن واجتهادهن في البحث العلمي".
وأوضح لقمان، أنه وعلى الرغم من النجاح الذي حققنه الباحثات إلا أنهن يواجهن صعوبات عديدة، منها عدم مقدرة الغالبية على السفر للخارج لعمل الأبحاث، إضافة إلى أن بعض الباحثات تتطلب ابحاثهن استطلاعات أو استبيانات في أماكن بعيدة فيكون الأمر صعبًا عليهن لكونهن فتيات، علاوةً على أن بعض الأبحاث تحتاج إلى رحلات لدراسة البيئة أو الزراعة، أو دراسة ظاهرة معينة لأشهر أو أسابيع في محافظة أخرى بعيدًا عن محل إقامتها فتتضاعف التكاليف لكونهن لا يستطعن السفر إلا بمحرم تكون عليها عبئًا فوق عبئها، أيضا البقاء لوقت متأخر في الجامعة لإجراء أبحاثهن وخصوصًا الأبحاث التطبيقية أو المعملية، إضافةً إلى الجوانب المالية المرتفعة التي قد تعجز المرأة عن تحملها".
(تم انتاج هذه المادة ضمن مشروع غرفة أخبار الجندر اليمنية الذي تنفذه مؤسسة ميديا ساك للإعلام والتنمية).
#سمنار
#طالب_يمني
